اسليدرمقالات واراء

على ذمتي 1-3 ” ملف السدود الأثيوبية بين رؤساء جمهورية مصر العربية وقت أن كنا أمة تخشانا الأمم “

احجز مساحتك الاعلانية

كتب : أكرم هلال 

عبدالناصر: ينهى مشكلة أول سد إثيوبي بخطاب.

في حيرة اكتب مقالي الذي قسمته الى ثلاثة أجذاء أسفا بالرغم من أنى اود ان أقوم بنشرة مرة واحدة لكنى متأكد لو حدث لن يقوم بقراته الا القليل فالقليل فقط هم من يقرأون. ولكن ما يشجعني على النشر هو محاولة الأغفال عن مشروع سد النهضة ومحاولة التكتم علية لكن هل لو تكتمنا سنجد شربة ماء في المستقبل لا أعلم ولكن ما علينا هو ان نحذر كما حذرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA من تداعيات تدهور ملف العلاقات المصرية – الإثيوبية إلى درجة قد تصل للمواجهة العسكرية المسلحة إذا استنفدت القاهرة وسائل الحوار الدبلوماسي، وصممت أديس أبابا على تعنتها وتجاهلها الحقوق المصرية التاريخية في مياه نهر النيل.

وأصدرت CIA تقريرًا عالي التصنيف كشف أسرارًا غير مسبوقة في ملف مشروع «سد النهضة» The Grand Ethiopian Renaissance Dam المسمى اختصارا GERD الملقب أحيانًا باسم «سد الألفية» أو اسم «ميجا دام».

المعلومات الاستخباراتية الأمريكية كشفت عن أن سد النهضة يمثل مقدمة لمشروع حرب إثيوبية شاملة مع مصر تهدف من ورائه أديس أبابا الهيمنة على دول حوض النيل، وعلى رأسها مصر واستغلال ظروفها الخاصة لانتزاع دورها السياسي في القارة السوداء.

العلاقة المصرية الإثيوبية ليست علاقة عابرة، إذ تؤكد معلومات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA عن أنه يوجد فى إثيوبيا أكثر من 72 مشروعًا مصريًا استثماريًا عملاقًا مسجلًا بوزارة التعاون الإثيوبية فى مجال الزراعة والإنتاج الحيوانى والسياحة والصناعة وتشييد العقارات. أبرز هذه المشروعات موجود بالمنطقة الصناعية المصرية بمنطقة «أداما» التى تبعد 90 كيلو مترًا عن وسط العاصمة أديس أبابا وأهمها فرع شركة المقاولون العرب المصرية، بينما بلغ حجم آخر تبادل تجارى رسمى موثق بين البلدين فى عام 2009 مبلغ 112.3 مليون دولار أمريكى وكلها مصالح مصرية خارجية تحاول القاهرة حمايتها والحفاظ عليها.

الحقيقة الثابتة فى التقرير الاستخباراتى الأمريكى أن تطاول إثيوبيا على القاهرة فى ملف سد النهضة وتربصها بهذه الفترة الصعبة لتمرير مشاريعها الضارة بالشعب المصرى على مجرى نهر النيل ليست الأولى من نوعها، حيث اعتمدت أديس أبابا تلك الخطة عام 1953

ومصر فى مخاض الانتفاضة على الملكية وأسرة محمد على، حينها قامت إثيوبيا فى هدوء ببناء أول سد إثيوبى على النيل وهو سد «تيس أباي» – Tes Abay 1و2 على مجرى النهر لتوليد الكهرباء.. وعندما بلغ الخبر مصر كان السد الإثيوبى قد أصبح حقيقة واقعة.

وبناء عليه ثار عضو مجلس قيادة الضباط الأحرار جمال عبد الناصر بشدة على الرئيس «محمد نجيب»، والسبب أن ناصر علم بموضوع بناء إثيوبيا سرًا لسد تيس أباى على نهر النيل من زميله فى القيادة الضابط «صلاح سالم» المولود بمدينة سنكات شرق السودان لأب مصرى عمل موظفًا هناك، ونظرا أن سالم كان لا يميل إلى اللواء محمد نجيب فقد أوكل إلى زميله عبد الناصر مهمة اطلاع الرئيس على المعلومة التى اعتبرت بالنسبة للضباط الأحرار أمن قومى من الدرجة الأولى.

وتكشف معلومات تقرير الاستخبارات الأمريكية أن نجيب لم ينتبه لخطورة هذا الموضوع ولم يتخذ فيه أى قرار حاسم سريع بشأن التعامل مع ما قامت به إثيوبيا، مما تسبب فى ثورة البكباشى – رتبة المقدم – جمال عبد الناصر على هذا الخطأ الاستراتيجى، ما دفع نجيب فى النهاية لتوكيل عبد الناصر للتعامل مع ملف سد تيس أباى.

وطبقًا للمعلومات الأمريكية أبلغ جمال عبد الناصر وزير الخارجية المصرى «محمود فوزى» تفويضه صلاحيات الرئيس محمد نجيب الكاملة للتعامل مع إمبراطور إثيوبيا بشأن ملف سد تيس أباى، والذى يبعد 33 كيلو مترًا جنوب شرق فرع أباى المتفرع من بحيرة تانا.

فوزى وافق على لعب دور ممثل مصر أمام إثيوبيا، وطلب من ناصر أن يملى عليه خطابا يطير به شخصيًا إلى الإمبراطور هايله سيلاسى فأملى عليه ناصر خطابًا قصيرًا للغاية طبقًا لما ورد فى معلومات التقرير الأمريكى منتهى السرية.

كتب فيه ناصر بتاريخ 1 نوفمبر 1953 إلى الإمبراطور الإثيوبى التالى نقلًا عن تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA دون تدخل:

«عظمة الإمبراطور هايله سيلاسى

الأول القاهرة فى 1 نوفمبر 1953 من البكباشى جمال عبد الناصر القيادة العامة المصرية

تحية عطرة..

النيل يعنى مصر وباسم مصر ورئيسها وجيشها العظيم نطالبكم بوقف أعمال بناء «سد تيس أباى» فورا وقد نمى إلى علمنا أنكم تشيدونه على نهر النيل دون إخطارنا، وأن ارتفاعه يبلغ 112.5 متر لتوليد طاقة كهربائية قدرتها 100 ميجا وات. ولأن مصر تتبنى جميع الدول الإفريقية وهى مستعدة للدفاع عن أى دولة بما فيها إثيوبيا وقت الضرورة ونظرًا لحقوق مصر التاريخية ومواد الاتفاقيات بشأن النيل العظيم نطالبكم بوقف جميع الأعمال فورًا على مجرى النهر الذى يجرى فى دماء المصريين ويعتبر تهديده هجومًا على حياتهم مما سيستدعى تحركًا مصريًا غير مسبوق فى التاريخ ينهمر على إثيوبيا جحافل من الخليج إلى المحيط».

فى التفاصيل تسلم الإمبراطور هايله سيلاسى الأول من وزير الخارجية المصرى محمود فوزى يدًا بيد خطاب البكباشى جمال عبد الناصر، وثار وعلا صوته بعدما طالع الخطاب الموجه إليه كإمبراطور من مجرد بكباشى على حد تعبيره، وقد اعتبره تهديدًا صريحًا من مصر لبلاده.

وعندما سأل فوزى مستفسرًا عن ماهية الخطاب وشخصية كاتبه غير الدبلوماسية، فأجابه محمود فوزى بصوت هادىء أنه عنده حق فى اعتبار خطاب جمال عبد الناصر تهديدًا مصريًا، وعندما تعجب الإمبراطور سيلاسى من الإجابة المثيرة لدرجة الاستفزاز أكمل فوزى ووصف له شخصية جمال عبد الناصر بأنه لا يعرف التلاعب بالكلمات.

ما كان من الإمبراطور الثائر أن طلب من وزير الخارجية المصرى الانتظار للتشاور مع مستشاريه وفى المساء طلب فوزى بمقر السفارة المصرية فى أديس أبابا وأبلغه أن إثيوبيا قررت أن تبدل رسومات تصميم سد تيس أباى بناء على طلب البكباشى ناصر، وأن الارتفاع عقب التعديل الإمبراطورى سيصبح 11.5 متر فقط وأن إثيوبيا ستكتفى بتوليد طاقة قدرها 11.5 ميجا وات من المشروع، وتسلم فوزى تعهدًا من هايله سيلاسى بذلك بعدها غادر مباشرة فى طريق عودته إلى القاهرة ليبلغ جمال بالرد.

المثير طبقًا للمعلومات الأمريكية أن هايله سيلاسى طلب الدبلوماسى «جوزيف سيمونسون» السفير الأمريكى الجديد المعين وقتها من قبل واشنطن لدى أديس أبابا، وفى اللقاء المغلق بينهما أبلغه سيلاسى بنص خطاب ناصر طالبًا مشورة الولايات المتحدة الأمريكية فى كيفية الرد على القاهرة، وفى الحوار لم يخف سيلاسى تعجبه وخوفه فى ذات التوقيت من ثقة مرسل الخطاب الذى يتحدث باسم الرئاسة المصرية والشعب والجيش المصرى.

عاد السفير الأمريكى جوزيف سيمونسون بعد حوالى ثلاث ساعات ومعه خطاب به مشورة الرئيس الأمريكى الرابع والثلاثين الجمهورى «دوايت دافيد إيزنهاور».

وطبقًا للتفاصيل الأمريكية الرسمية التى سجلها السفير سيمونسون فى تقريره الدبلوماسى وأوردها تقرير CIA تسلم سيلاسى الخطاب فى هدوء وراح يطالع وجه السفير الأمريكى وهو مبتسمًا حتى انتهى من قراءة محتواه، وفى النهاية نادى على سكرتيره الخاص وأملاه قرار تراجع إثيوبيا عن ارتفاع سد تيس أباى وقوة توليده للكهرباء.

وطبقًا للوقائع المسجلة كتب الرئيس دوايت إيزنهاور إلى الإمبراطور هايله سيلاسى برقية عاجلة نصحه فيها ألا يستهين بكلمات بكباشى مصر مثلما سماه سيلاسى، وألا يقلل من شأن منصبه فى الجيش المصرى، وأن يعتبر عبد الناصر الرئيس المصرى الفعلى.

اللافت أن إمبراطور إثيوبيا القوى هايله سيلاسى لم يكتف فقط بقرار تراجعه عن تصميمات السد بل أمر أن يشيد على شاطئ نهر النيل بنفس المنطقة وليس على مجرى النهر مباشرة.

الحقيقة انتهت مشكلة أول سد بين القاهرة وأديس أبابا بورقة خطاب من صفحة واحدة كتبها جمال عبد الناصر بالقلم الرصاص على استعجال دون التشاور مع أى شخص حتى أنه لم يسلمها إلى السكرتارية لتحريرها بل سلمها كما هى إلى وزير الخارجية محمود فوزى، لكن الحقيقة بعد ذلك انتهزت إثيوبيا ظروفًا سياسية مصرية وعالمية خاصة حرجة متعددة لإخراج مشروعات سدودها المتعددة بينها انشغال مصر فى حرب أكتوبر 1973 ثم انهماكها فى عهد الرئيس الأسبق «محمد حسنى مبارك» فى أحداث عالمية أبرزها 11 سبتمبر 2001، بل قامت أديس أبابا من وراء ظهر الرئيس الراحل «محمد أنور السادات» والرئيس الأسبق مبارك أولًا ببناء سد «فينشا» عام 1973 بارتفاع 25 مترًا ثم سد أويرو عام 1995 وتوسيع سد تيس أباى عام 2001، ثم بناء سد إضافى بجانبه حمل اسم تيس أباى 2 ومضاعفة قوته إلى 73 ميجا وات.. وكلها وقائع جاءت كمقدمة حتمية لتدهور مستمر نشهد حاليًا فصله الأشد خطورة على العلاقات المصرية – الإثيوبية بسبب مشروع سد النهضة.

بيانات غير مسبوقة وردت فى صدر ديباجة التقرير عالى التصنيف لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA عن تاريخ ملف السدود المريبة والخطيرة بين القاهرة وأديس أبابا يكشف أن إثيوبيا تمتلك حاليًا 19 سدًا مائيًا معظمها لتوليد الكهرباء منها خمسة سدود على مجرى نهر النيل مباشرة.

أما المعلومات المستفزة للغاية الواردة صراحة بين سطور التقرير الأمريكى السيادى أن إثيوبيا تنوى بناء ثلاثة سدود أخرى على نهر النيل ستشرع فى تشييدها عقب الانتهاء من مشروع سد النهضة مباشرة.

مشروعات السدود الإثيوبية الجديدة أسندت بالفعل إلى مجموعة Salini Impregilo الإيطالية الدولية المتخصصة فى مجال هندسة التصميمات والإنشاءات المدنية التى تأسست عام 1959 فى مدينة ميلان، وهى مجموعة شركات عملاقة مسجلة فى بورصة الأوراق المالية الإيطالية فى ميلان يديرها ويترأس مجلس إدارتها المهندس «بيترو سالينى» مواليد مدينة روما بتاريخ 29 مارس 1959.

واللافت أن بيترو سالينى قلدته الرئاسة الإيطالية عام 2013 بسبب مشروع سد النهضة الإثيوبى قلادة «الفروسية الإيطالية» عن دوره البارز فى تنمية وتقديم الشركات الإيطالية المتخصصة عالميًا.

والثابت طبقًا لملفات المجموعة الإيطالية الرسمية أن رأس مال سالينى بلغ عام 2012 قبل إسناد إثيوبيا مشروع سد النهضة إليها بالأمر الحكومى المباشر مبلغ 25 مليون يورو بينما قفز رأس المال فى 2013 عقب إسناد المشروع طبقًا لأرقام سالينى إمبريجيلو نفسها إلى 2.281 مليار يورو.

هذا الفارق الكبير يحدد بدقة ما تسلمته مجموعة سالينى الإيطالية من الحكومة الإثيوبية وما دخل إلى حسابها الرسمى كدفعة أولى تغطى 50% من تكلفة تشييد مشروع سد النهضة طبقًا للأرقام الواردة فى تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA.

ظلت العلاقة بين مصر وإثيوبيا تجارية بحتة منذ عهد المصريين القدماء، إلى أن جلس على عرش مصر «إسماعيل محمد سعيد» باشا خديوى ووالى مصر والسودان الذى حكم خلال الفترة من 19 يناير 1863 حتى 26 يونيو 1879.

بالغ إسماعيل فى تقدير قوته العسكرية وأوهمه بعض الدبلوماسيين الأجانب الذين أحاطوا بعرشه بإمكانية غزو إثيوبيا وحصلوا منه على آلاف الجنيهات الذهبية جندوا بها المرتزقة من أوروبا وأمريكا فقرر غزو إثيوبيا لتوسيع رقعة مملكته

انتظرونا مع السادات فى الجزء الثانى من على ذمتى.

Related Articles

Back to top button